إن الفرق التشريحي والفسيولوجي لمكونات الجسد بين
الرجل والمرأة يفرض آليات وأنظمة تحكم مختلفة (إلى حد ما) في طبيعة عمل
ووظائف الهرمونات وسلوك وطريقة تفكير كل منهما. وتلك تفرض نمطاً محدداً
للتعبير عن الهواجس والمشاعر والأحاسيس الداخلية لكل منهما، وبغض النظر عن
صدق من عدم صدق الآراء والنظريات التي يستند إليها علماء النفس فإنها لا
تخلو من الصحة ولاتبتعد عن الخطأ في قياس أبعاد السلوك الإنساني وما يتم
البناء عليه لتفسير مجمل أبعاد الظاهرة أو الفرض للوصول إلى نتائج تقترب من
الحقيقة.
لايمكن الخوض في أي حقل علمي دون تحديد المنهج مسبقاً المستند
لآراء ونظريات وبراهين لتحقق من صدق النتائج، ولعلم النفس مناهجه ونظرياته
وآراءه لقياس أبعاد السلوك الإنساني وانعكاسه على مجمل آليات ووظائف
الجسد. ويتم الاستعانة بنتائجه لوضع المعالجات الصحية اللازمة، لاختلال عمل
ووظائف الجسد.
إن مشاعر وأحاسيس الكائن الإنساني، لايمكن قياسها بأجهزة
طبية ومختبرية لأنها غير ملموسة تساهم بها منظومة الروح والجسد معا،
ولايختص بها جهازاً محدداً من الجسد لكنها تصنف ضمن ووظائف منظومة القلب
أكثر من منظومة العقل.
إن القياس الصادق والوحيد لإبعاد المشاعر
والأحاسيس العاطفية خاصة المستندة لتجربة الحب تعكس النتائج المعبرة عن مدى
صدقها من عدم صدقها. وقد أسفرت النتائج العلمية الصادقة لملايين من تجارب
الحب عن وضع مقاييس ثابتة (إلى حد ما) تُعتمد كمسطرة لقياس أبعاد المشاعر
والأحاسيس الإنسانية بين المرأة والرجل. وطالما أن العلم لايقبل الثبات
ولايركن إلى الجمود فإن نتائجه عرضة للنقض في سياق التطور العلمي. وقد كرس
علماء النفس جهدهم لتبيان أوجه الاختلاف بين مشاعر وأحاسيس الرجل والمرأة،
نستعرض ثلاثة من رؤى من تلك الجهود لعلماء النفس.
أولاً-رؤية ((برفسور
ريك)) التي حددها بسبعة فروق هي:
"1-يميل الرجل البقاء مدة طويلة بجوار
المرأة التي يحبها، أما المرأة فليس شيء ألذ من أن تكون على مقربة ممن
تحبه.
2-يحب الرجل أن يكون في كل أيامه على حالة واحدة، أما المرأة
فتسعى لأن تضع من نفسها إنساناً جديداً كل يوم وأن تنهض من فراشها كل يوم
بوجه جديد.
3-أحلى جملة يمكن أن يقولها رجل لأمرأة هي عبارة: عزيزتي
أنني أحبك وأجمل عبارة تقولها المرأة للرجل الذي تحبه هي عبارة أنا فخور
بك.
4-الرجل الذي كانت في حياته أكثر من امرأة يصبح محل إعجاب النساء
الأخريات بينما لايرتاح الرجال للمرأة التي كان في حياتها أكثر من رجل
واحد.
5-حين يهرم الرجال، يشعرون بالتعاسة لأنهم قد فقدوا مصدر قوتهم في
القدرة على العمل، أما النساء المسنات فيشعرون بالرضا لأن أحسن شيء في
نظرهن: بيت وعدد من الأحفاد.
6-النجاح في نظر الرجال هو الحصول على
مكانة اجتماعية مرموقة وموضع احترام كافة فئات المجتمع، والنجاح بالنسبة
للمرأة امتلاك قلب الرجل والاحتفاظ به طول العمر.
7-يسعى الرجل لأن يكسب
المرأة التي يحبها إلى دينه وجنسه، والمرأة تغيير لقبها بعد الزواج طبقاً
للقب زوجها وسهل عليها تغيير دينها وجنسيتها من أجل الرجل الذي تحب".
ثانياً-
رؤية ((كليف دالسون)): اجتهد علماء نفس آخرين في آرائهم حول الفرق بين
مشاعر وأحاسيس الرجل والمرأة، فوجدوا أن منظومة العقل هي المتحكمة في سلوك
وتصرفات ومشاعر الرجال، في حين أن منظومة القلب هي المتحكمة بسلوك وتصرفات
ومشاعر المرأة. لربما هذا الاجتهاد يعود للتقسير الفسيولوجي لحجم عقل الرجل
الذي يعد أكبراً من حجم عقل المرأة، لكن بذات الوقت فإن المرأة لها القدرة
على استخدام كامل منظومة عقلها في التفكير وهذا ما منحها القدرة على
التفكير بعدة قضايا في آن واحد.
في حين تقتصر قدرة الرجل على التفكير
بقضية واحدة فقط للوصول إلى النتائج لأن طبيعته الفسيولوجية لاتمنحه القدرة
على استخدام كامل منظومة عقله المنحسرة في جزء محدد من الرأس. وهذا ما
يفسر حاجة الرجل إلى وقت أكبر من حاجة المرأة لإصدار أحكامه غير المتسرعة
على القضايا!.
يلخص ((كليف دالسون)) رؤيته قائلاً:"أن النساء يجرين وراء
المشاعر، والرجال يجرون وراء العقل ويلاحظ بكثير من الوضوح أن النساء في
مجال الذكاء لايوازين الرجال، ونقطة ضعف النساء تكمن في إحساسهن المرهف.
الرجال يفكرون دائماً بشكل علمي أكثر، كما أنهم يحكمون أحسن، وينظمون
ويوجهون بشكل أفضل. إذاً فضل الرجال روحياً على النساء أمر خطته الطبيعة،
والهدف الأعلى للنساء في الحياة هو (الأمان) فإذا نلن هذا الهدف تركن العمل
والنشاط......والمرأة لأجل الوصول إلى هدفها تخشى مواجهة الأخطار والأعمال
الصعبة التي تحتاج إلى تفكير عميق، لأنها تتعب وتضجر منها".
ثالثاً-رؤية
((رومن رولاند)): لايتفق علماء نفس آخرون مع تلك الرؤى ويجدوا أن الرجل
والمرأة كائنان ناقصان، كل منهما يسعى للبحث عن نقيصة الآخر أو لاستكمال
نقائصه في التوحد مع الآخر سعياً نحو الكمال غير المنشود!. وبالتالي لايوجد
فضل لأي مخلوق منهما على الآخر، فالطبيعة حددت مهام ووظائف كل منهما وأي
مسعى لنقض قوانين الطبيعة وأنما هو مسعى يبوء بالفشل.
إن مبدأ الاعتراف
بحسنات ونقائص كل من الرجل والمرأة، يفضي لمبدأ الحاجة والمصلحة لكل منهما
إلى الآخر. ويجعل الحياة أكثر انسجاماً مع واقع وقوانين الطبيعة التي خصت
كل منهما بحسنات يحتاجها الآخر ونقائص في الذات يسعى لسدها من خلال التوحد
مع الآخر.
هذا الفهم لقوانين الطبيعة، يجعل الرجل والمرأة أكثر انسجاماً
وحاجة كل منهما للآخر دون الحاجة للشعور بالدونية وممارسة أدوار التسلط
والهيمنة لإخضاع الآخر بما يخالف قوانين الطبيعة الحضانة لهما.
يعتقد
((رومن رولاند))"أن كل الرجال كذابون، ماكرون، ثرثارون، وذو وجهين
ومخاصمون. وكل النساء متكبرات ويعشقن المظاهر وخائنات، وليس في العالم إلا
شيء واحد مقدس وسامي هو اجتماع هذين المخلوقين الناقصين".
بغض النظر عن
صدق من عدم صدق الرؤى السابقة، بشأن مشاعر وأحاسيس الرجل والمرأة في علم
النفس. فإن الرؤية الأخيرة تبدو أكثر صدقاً وواقعية وتنحو تجاه العدل
والإنصاف في الإقرار بقوانين الطبيعة المحددة لأوجه الاختلاف في المشاعر
والأحاسيس بين الرجل والمرأة، وما تحمل من أوجه النقيصة وحاجتها إلى الكمال
لتنسجم أكثر مع الواقع دون الحاجة إلى الدخول في صراع مفتعل يحط من قدر
كيان إنساني في القيام بواجبه تجاه الحياة التي خطتها قوانين الطبيعة قبل
أن تخطها قوانين وأعراف اجتماعية وقيم دينية لاحقة.